الاثنين

【......فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ.... 】


استوقفتني آيات خلال اجتهادي في ختم القرآن الكريم في شهرنا الفضيل الذي ودعناه وكلنارجاء
أن لايكون هذا الشهر آخر العهد به وأسأل الله أن يُطوق أعمالنا بسوار القبول وأن يجبر تقصيرنا
في حق عبادته بالعفو وأن يستر زلاتنا بالغفران...
يالله ما ألذ كلامك حين يُتلى بتدبر فتُجلِّي لنا مفاهيم لم تكن لتدرك لولا فضلك ثم حسن الإمعان في خطابك
الآيتان 78،79من سورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ليست المرة الأولى اقرأها بل قرأتها مرارا وتكرارا
وعلى دراية بتفسيرها ولله الحمد لكن جملة ......فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ....استوقفتني وكأني أُلهمت درساً
في العلاقة الأسرية والإجتماعيه ، ولكم تمنيت أن أعثر على كتاب لأحد مفكرينا المتخصصين
في الشؤون الأسرية والإجتماعيه يكون محور الحديث فيه عن دلالات هذه الآيه من منظور
اجتماعي ونفسي وعلمي،لربما قد تناولها مفكرنا الفاضل د.عبدالكريم بكار
كجزئيه في أحد كتبه التي ألفها و عيناي لم تقع عليها!ربما=)
لكن ما أتمناه أن أجد كتابا بأكمله عنوانه يحمل هذه الجملة الكريمة من كلام الله الكريم 
ورحت أعصف ذهني لأتذكر ماورد من تفسيرلهذه الآيه الكريمة في تفسير ابن كثير 
وتفسير الجلالين وتفسير ابن سعدي رحمة الله على علماءنا جميعا،واختصارا لوقتي الذي سيذهب به العصف الذهني 
قمت وأنزلت كتب التفسر هاته عن الرف باستثاء تفسير ابن كثير الذي لم أجده! وفتحت التفاسير وأنا أقرأ إذ بكتاب تفسيريتراءى في شريط ذاكرتي قد نصحتنا به شيختنا في حلقات التحفيظ وشوقتنا لقراءته لكني لم اقتنيه إلا البارحة اقتناءاً الكترونياو
لا أنسى شكر الباشا Google الذي أحضر لي الكتاب الإلكتورني بدون جهد مني سوى كتابة ما أبحث عنه 
في شريطه السحري كسحرمصباح علاء الدين
امممم ..المهم ما أن كتبت :كتاب التحرير وإذ به يكمل تلقائيا: التحرير والتنوير لابن عاشور فقمت وزدت كلمتين


في خانة البحث>> زيادة طمع طبعاً:)
كتاب الكتروني التحرير والتنوير لابن عاشور وإذ بأول الصفحه عنوان :
ياسلااااااااااااااااام !عز الطلب ..سأشارككم به طبعا=) تفضلوا رابط التحميل+دعواتكمـ;)
الذي جعلني ابحث عن الكتاب هذا هو أني لم أجد في كتابيّ التفسير(الجلالين وابن سعدي) ما تمنيت من استنباطات
سوى تفسير للكلمات في التفسير 1وذكرالقصه مختصره جداً في التفسير السعدي بدون استنباطات
مع أن عادة الشيخ ابن سعدي رحمه الله في التفسير إثراءنا باستنباطاته، المهم فتحت تفسير ابن عاشور
وذهبت للفهرس المقسم بأجزاء القرآن ووصلت لتفسيرالآيه الكريمه وسبحان الله !!
وجدت بعضاً مما تمنيت خاصة ماقاله نبي الله داود عليه السلام لابنه النبي سليمان عليه السلام على قضاءه بما هو أرفق
وسأذكر ماخرجت به وبعدها سأدعكم مع اقتباس شرح الآية من كتاب التحرير والتنويرالذي بحق يستحق القراءة تفسير مميز جدا.
المهم ..هذه الآيه تنبيه من الله الخبير بالنفوس وعالم ماهو كائن وماسيكون
من الخلق،الله عزوجل يعطينا تنبيها للآباء والأمهات بشكل خاص وكل من يتعامل مع من هو أصغر منه سناً،وكأن لسان الآية ترشدنا إلى خطأ اعتقادنا بـ:
مادمت أكبر منك فأنا أفهم منك !
هذا سائد في مجتمعنا العربي لدرجة أن غالب الآباء والأمهات لا يأخذون باقتراح بناتهن وأبنائهن
بحجة أنهم ليسوا بمستوى خبرتهم في الحياة ولعلنا نسمع هذه الأسطوانه تتكرر:
(هلى أنت ياأبو شبر ونص جاي تعمل حالك فهمان أكتر مني!)
أسلوب تهميش وتحقير لا أدري متى ستنفيه العقليه العربيه إلى ماوراء الشمس كي ينصهر لطالما صهرونا به.
لا أدري من أين خرجوا بهذا المعادلة التعيسه وكيف أثبتوها على الدوام!!!
هذه معادلتهم والآية تعطينا المعادلة التاليه:
حديث السن+إلهام الله =فهم يَفضُل على من هو منه أسن

فالله عزوجل أنزل القرآن بلسان عربيّ والمخاطب الأول هو ذلك العربي الذي يعلم الله عقليته وجبلته لذا أشار إلى ماحدث بين الأب وابنه ليعطي درسا لكل أب وأم بأنه مهما تقدمت في السن وبلغت من العلم مابلغت فلايعني ذلك تفوقك على من هو أصغر منك سنا
وها أنا أضرب لكم المثل بالنبي الكريم داود عليه السلام وقد آتيته نبوة وحكما وعلما مع ابنه النبي الكريم سليمان عليه السلام
فغلب فهم سليمان فهم داود وأقرّ الأب لابنه رأيه وأخذ به وقال له :وُفّقت يا بُني . وقضى بينهما بذلك .
وهنا إرشاد للتأسي بنبي الله داود عليه الصلاة والسلام في التعامل مع ابنه وتقديم حكمه رغم أن اجتهاده لم يكن خاطئا أبدا

إذن نعمة الفهم والفقه عن الله كالرزق المادي الملموس مقسمه، فمنهم من يبسط الله عليه بواسع فضله ومنهم من يقبض عنهم ذلك الرزق دون أولويات للسن كما الآية التي محور حديثي عنها.
فهذه الآية رحمة من الله حيث أطلعنا على غيب أحاط به وحده سبحانه ليرينا تفضيل بعضنا على بعض في الرزق
ومالذين فُضلوا برآدّي رزقه جلّ جلاله ،و الله لم يذكر القصة في كتابه العزيز
لكي نتلوها ونأخذ أجر حرف كل منها فحسب بل لنستنبط منها دروسا وأحكاما(فاقصص القصص لعلهم يتذكرون)ليت الآباء والأمهات يفقهون هذه الآية بالتحديد ويقدروا عقول بناتهم وأبناءهم فكبر السن ليس شرطا لنضج العقل!
فكم رأينا من هم يتكأون على العصا قد انحنت ظهورهم وكسا الشيب رؤوسهم يتابعون برنامج ستار أكاديمي!!!
أو يلاحقون الفتيات بنظراتهم وغمزاتهم في (المولات)><
في المقابل نرى شبانا لم يتجاوزا الـ15عاما ذا عقل ومنطق ونضج فكري مبهر..
ولنا فيمن تخرجوا من الجامعه المحمديه عليه الصلاة والسلام الصحابة رضوان الله عليهم أسوة فهم لما فقهوا هذه الآية كانوا يرجعون لمن هو أحدث منهم سنافي تفسير القرآن للصحابي ترجمان القرآن
عبدالله ابن عباس رضي الله عنهما ولم يُنقل عنهم بأنهم قالوا:أنأخذ تفسير القرأن من غلام.
حاشاهم فقد هذّب القرآن نفوسهم وعلموه وعملوا به ليس كحالنا نحفظ الحروف ونضيع الحدود والحقوق إلا من رحم ربي
نسأل الله أن يرزقنا الفقه عنه وعن رسوله وأن يحشرنا في زمرة العلماء العاملين
هذا ماخرجت به من فوائد ولعلكم تخرجون بفوائد أكثر بعد قراءتكم للتفسير أدناه:

"(وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِى الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ ءَاتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ )
شروع في عداد جمع من الأنبياء الذين لم يكونوا رسلاً . وقد روعي في تخصيصهم بالذكر ما اشتهر به كل فرد منهم من المزية التي أنعم الله بها عليه ، بمناسبة ذكر ما فضل الله به موسى وهارون من إيتاء الكتاب المماثل للقرآن وما عقب ذلك . ولم يكن بعد موسى في بني إسرائيل عصر له ميزة خاصة مثل عصر داوود وسليمان إذ تطور أمر جامعة بني إسرائيل من كونها مسَوسة بالأنبياء من عهد يوشع بن نون . ثم بما طرأ عليها من الفوضى من بعد موت شمشون إلى قيام شاول حَمِيّ داوود إلا أنه كان مَلِكاً قاصراً على قيادة الجند ولم يكن نبيئاً ، وأما تدبير الأمور فكان للأنبياء والقضاة مثل صمويل .
فداوودُ أول من جمعت له النبوءة والمُلك في أنبياء بني إسرائيل . وبلغ مُلك إسرائيل في مدة داوود حدّاً عظيماً من البأس والقوة وإخضاع الأعداء . وأوتي داوود الزبور فيه حكمة وعظة فكان تكملة للتوراة التي كانت تعليم شريعة ، فاستكمل زمنُ داوود الحكمة ورقائق الكلام .

وأوتي سليمان الحكمة وسَخر له أهل الصنائع والإبداع فاستكملت دولة إسرائيل في زمانه عظمة النظام والثروة والحكمة والتجارة فكان في قصتها مثّل .


وكانت تلك القصة منتظمة في هذا السلك الشريف سلك إيتاء الفرقان والهدى والرشد والإرشاد إلى الخير والحكم والعلم .
وكان في قصة داوود وسليمان تنبيه على أصل الاجتهاد وعلى فقه القضاء فلذلك خُص داوود وسليمان بشيء من تفصيل أخبارهما فيكون داوود عطفاً على نوحاً في قوله ونُوحاً الأنبياء : 76 ، أي وآتينا داوود وسليمان حكماً وعلماً إذ يحكمان . . . إلى آخره . ف إذْ يحكمان متعلِّق ب آتينا المحذوف ، أي كان وقتُ حكمهما في قضية الحرث مظهَراً من مظاهر حُكمهما وعلمهِما .

والحُكم : الحِكمة ، وهو النبوءة . والعلمُ : أصالة الفهم ، وإذ نفشت متعلق ب يحكمان .
فهذه القضية التي تضمنتها الآية مظهر من مظاهر العدل ومبالغ تدقيق فقه القضاء ، والجمع بين المصالح والتفاضل بين مراتب واختلاف طرق القضاء بالحق مع كون الحق حاصلاً للمحِق ، فمضمونها أنها الفقه في الدين الذي جاء به المرسلون من قبل .
وخلاصتها أن داوود جلس للقضاء بين الناس ، وكان ابنه سُليمان حينئذ يافعاً فكان يجلس خارج باب بيت القضاء . فاختصم إلى داوودَ رجلان أحدهما عامل في حرث لجماعة في زرع أو كرم ، والآخر راعِي غنم لجماعة ، فدخلت الغنم الحرث ليلاً فأفسدت ما فيه فقضى داوود أن تُعطى الغنم لأصحاب الحرث إذ كان ثَمن تلك الغنم يساوي ثمن ما تلف من ذلك الحرث ، فلما حكم بذلك وخرج الخصمان فَقُصّ أمرُهما على سليمان ، فقال : لو كنتُ أنا قاضياً لحكمت بغير هذا . فبلغ ذلك داوودَ فأحضره وقال له : بماذا كنت تقضي ؟ قال : إني رأيت ما هو أرفق بالجميع . قال : وما هو ؟ قال : أن يأخذ أصحابُ الغنم الحرثَ يقوم عليه عاملُهم ويُصلحه عاماً كاملاً حتى يعود كما كان ويرده إلى أصحابه ، وأن يأخذ أصحاب الحرث الغنم تُسلم لراعيهم فينتفعوا من ألبانها وأصوافها ونسلها في تلك المدة فإذا كَمل الحرث وعاد إلى حاله الأول صرف إلى كل فريق ما كان له . فقال داوود : وُفّقت يا بُني . وقضى بينهما بذلك .

فمعنى نفشت فيه  دخلته ليلاً ، قالوا : والنفش الانفلات للرعي ليلاً . وأضيف الغنم إلى القوم لأنها كانت لجماعة من الناس كما يؤخذ من قوله تعالى غنم القوم . وكذلك كان الحرث شركة بين أناس . كما يؤخذ مما أخرجه ابن جرير في تفسيره من كلام مجاهد ومرة وقتادة ، وما أخرجه ابن كثير في تفسيره عن مسروق من رواية ابن أبي حاتم . وهو ظاهر تقرير الكشاف . وأما ما ورد في الروايات الأخرى من ذكر رجلين فإنما يحمل على أن اللذين حضرا للخصومة هما راعي الغنم وعامل الحرث .
 
واعلم أن مقتضى عطف داوود وسليمان على إبراهيم ومقتضى قوله وكنا لحكمهم شاهدين أي عالمين وقوله تعالى : (وكلاً آتينا حكماً وعلماً )
ومقتضى وقوع الحُكمين في قضية واحدة وفي وقت واحد ، إذ أن الحُكمين لم يكونا عن وحي من الله وأنهما إنما كانا عن علم أُوتيه داوود وسليمان ، فذلك من القضاء بالاجتهاد . وهو جار على القول الصحيح من جواز الاجتهاد للأنبياء ولنبينا عليهم الصلاة والسلام ووقوعِه في مختلف المسائل .

وقد كان قضاء داوود حقاً لأنه مستند إلى غرْم الأضرار على المتسببين في إهمال الغنم ، وأصل الغرْم أن يكون تعويضاً ناجزاً فكان ذلك القضاء حقاً . وحسبك أنه موافق لما جاءت به السنة في إفساد المواشي .

وكان حكم سليمان حقاً لأنه مستند إلى إعطاء الحق لذويه مع إرفاق المحقوقين باستيفاء مالهم إلى حين فهو يشبه الصلح . ولعل أصحاب الغنم لم يكن لهم سواها كما هو الغالب ، وقَد رضي الخصمان بحكم سليمان لأن الخصمين كانا من أهل الإنصاف لا من أهل الاعتساف ، ولو لم يرضيا لكان المصير إلى حكم داوود إذ ليس الإرفاق بواجب .


ونظير ذلك قضاء عمر بن الخطاب على محمد بن مسلمة بأن يمر الماء من العُرَيض على أرضه إلى أرض الضحاك بن خليفة وقال لمحمد بن مسلمة : لم تمنع أخاك ما ينفعه وهو لك نافع ؟ فقال محمد : لا والله ، فقال عمر : والله ليَمرنّ به ولو على بَطنك ، ففعل الضحاك .
وذلك أن عمر علم أنهما من أهل الفضل وأنهما يرضيان لما عزم عليهما ، فكان قضاء سليمان أرجح
وتشبه هذه القضية قضاءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الزبير والأنصاري في السقي من ماء شراج الحَرّة إذ قضى أول مرة بأن الزبيرُ الماء حتى يبلغ الكعبين ثم يرسل الماء إلى جاره ، فلما لم يرض الأنصاري قضى رسول الله بأن يمسك الزبير الماء حتى يبلغ الجَدر ثم يُرسل ، فاستوفى للزبير حقه . وإنما ابتدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالأرفق ثم لما لم يرض أحد الخصمين قضى بينهما بالفصل ، فكان قضاء النبي مبتدأ بأفضل الوجهين على نحو قضاء سليمان


فـمعنى قوله تعالى : ففهمناها سليمان أنه ألهمهُ وجهاً آخر في القضاء هو أرجح لما تقتضيه صيغة التفهيم من شدة حصول الفعل أكثر من صيغة الإفهام ، فدل على أن فهم سليمان في القضية كان أعمق . وذلك أنه أرفقُ بهما فكانت المسألة مما يتجاذبه دليلان فيصار إلى الترجيح ، والمرجحات لا تنحصر ، وقد لا تبدو للمجتهد ، والله تعالى أراد أن يظهر علم سليمان عند أبيه ليزداد سروره به ، وليتعزى على مَن فقده من أبنائه قبل ميلاد سليمان . وحسبك أنّه الموافق لقضاء النبي في قضية الزبير ، وللاجتهادات مجال في تعارض الأدلة .
وهذه الآية أصل في اختلاف الاجتهاد ، وفي العمل بالراجح ، وفي مراتب الترجيح ، وفي عذر المجتهد إذا أخطأ الاجتهاد أو لم يهتد إلى المُعارض لقوله تعالى : وكلاً آتينا حكماً وعلماً في معرض الثناء عليهما .

وفي بقية القصة ما يصلح لأن يكون أصلاً في رجوع الحاكم عن حكمه ، كما قال ابن عطية وابن العربي ؛ إلا أن ذلك لم تتضمنه الآية ولا جاءت به السنّة الصحيحة ، فلا ينبغي أن يكون تأصيلاً وأن ما حَاولاه من ذلك غفلة .
وإضافة حكم إلى ضمير الجمع باعتبار اجتماع الحاكمين والمتحاكمين .
وتأنيث الضمير في قوله ففهمناها ، ولم يتقدم لفظ معاد مؤنث اللفظ ، على تأويل الحكم في قوله تعالى : لحكمهم بمعنى الحكومة أو الخصومة

وجملة وكلاً آتينا حكماً وعلماً تذييل للاحتراس لدفع توهم أن حكم داوود كان خطأ أو جوراً وإنما كان حكم سليمان أصوب .
abuiyad

ليست هناك تعليقات: