الاثنين

هكذا تدرجت حتى اقتنعت!




ترددت كثيرا في كتابة تدوينتي هاته لسببين لهما ثالث 

وأجلت الحديث عنها لأن الكتابة عن ماض يقتضي استجواب الذاكرة  لأحداث عمرها أكثرمن 16عاما !يحتاج لعصف مزمن وجدولة الأفكار لتأتي مرتبة و(مهضومة)
ولعلها أطول تدوينة كتبتها

وسأحتفظ بالسببن لنفسي:)


أما الثالث فهو امتعاضي من طرح كثر التناقش فيه وأرى الإسترسال فيه سرف لايليق بالعقلاء إلا الترفع عنه...


ولست هنا بصدد نقاشه أبدا مبددا؛ بل لأروي تجربتي في التدرج بتركه منذ فترة الطيش والتي بدأ فيها اهتمامي بسماعها


خاصة الكلاسيكية أو على حد وصف أحد شيوخ  قنوات (هشك بشك):مزيكا بتروَّوء الأعصاب!!!!


حين تمعنت في هذا التدرج...أدركت أنها ذات العناية الإلهية الحكيمة التي أتت بأحكام التحريم متدرجة للصحابة رضوان الله عليهم


في ترك الكبائر فهو الخبير سبحانه أعلم بما أصلح للنفوس وتهذيبها من شعث الضلالة الهوجاء شيئا فشيئا.

وإذا العناية لاحظتك عيونها     نم فالمخاوف كلهن أمانُ

فلم يأت سبحانه بتحريم الخمروالميسر من أول مرة،بل بدء بتحديد أوقات الإمتناع عنها فنزلت الآية الكريمة:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ...)

لكن فاروق الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه  صاحب موافقات الوحي الإلهي الملهم أخذ يدعوا الله :

اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا وظل يدعوا حتى نزلت الآية :

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ (91)


حينها قال رضي الله عنه: انتهينا انتهينا.
أما عني وكيف تدرجت في ترك الأغاني والموسيقى التي قرنها سراج الثقلين بأبي هو وأمي فداه النفس  محمد-صلى الله عليه وسلم -
بالكبائر الموبقات وأخبرنا بما أوحاه  إليه جبريل عليه السلام:
( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف. ولينزلن
 أقوام إلى جنب علم، يروح عليه بسارحة لهم. يأتيهم -يعني الفقير- لحاجة،
فيقولوا ارجع إلينا غداً. فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة
وخنازير إلى يوم القيامة .)

 فالبداية من المرحلة المتوسطة وفي جلسة ودية تغشاها الرحمة والسكينة مع معلمة الدين-طيّب الله ذكرها- ذات الوجه الوضيئ،والمبسم الرقيق مع دماثة الخلق وجمال الروح .

ففي ذلك المجلس سألتنا وهي تغمز بعينها مع ابتسامة مشاكسة:أكيد تسمعون أغاني صح؟

فرددنا عليها بذات الإبتسامة:  صح>>هيك كان وجهنا لماجاوبنا

 وتجرأت أحد صديقاتي وسألتها:معلمة أنت كنت تسمعي أغاني؟

فأجابتها المعلمة وهي خجلى :بلى كنت أسمع .

ثم بعدها دار حوار عن أثر الأغاني وحرمتها لكنها لم تذكر الأدلة على تحريمها أوأنها ذكرتها لكن  ذاكرتي لم تسجله وأنسانيه الشيطان أن أذكره؛ رغم أني لا أنسى نصيحتها بالتخفيف من سماع الأغاني مابين الأذانين وقبيل الأذان للصلوات،وسماعها فقط بعد صلاة العشاء بشرط ألا يمتدد السماع لآخر الليل وألا ننام عليها بل نختمها بسماع القرآن.

فأعطتنا خطوات عملية لترك سماعها رويدا رويدا حتى يسهل علينا الإمتناع عنها نهائيا،فلم تطلب منا ترك السماع مرة واحدة

وحكمتها في ذلك بأنه يشق على النفس مااعتادت عليه لكن بالتدرج سيسهل الأمر.

راقتني الفكرة وعملت بها وزيادة بعدم سماع الأغاني ولا الموسيقى في شهر رمضان حتى موسيقى المسلسلات كنت أكتم الصوت.

 وفي ليلة من ليالي رمضان وأثناء سماعي لقنوت الوتر لفضيلة القارئ الشيخ عبدالرحمن السديس تضمن دعاءه الهداية لأهل المعازف  ...اممممم لا أذكر بالضبط الدعاء هل قال:اللهم بغض لشبابنا وفتياتنا المعازف والغناء؛ بصراحة لست متأكدة

 لكني متيقنة بأنه ذكرها، وكان الدعاء مؤثر جدا والخشوع يغشى صوت الشيخ بحشرجة مخبتة ودموع متبتله.

لحظتها بكيت بشدة وكأن الدعاء تسربل ثياب الواعظ فتأثرت ووجدت نفسي أذهب طواعية إلى درج الأشرطة وأخرج شريطا وأمزقه تلو الآخر حتى لم يبقى شريط واحد!

بعد  هذا الخشوع والأسف على ما أسلفت عدت للأسف لسماع الأغاني بعد رمضان!

لكني توقفت عن شراء الأشرطة الغنائية واكتفيت بتسجيلها من إذاعة MBC FMلابارك الله في مؤسسها.

وكأن الأغاني مادة مخدرة لا يزول أثرها إلا بعد جلسات مكثفة على الأمد الطويل!

أيضا عدم علمي بأدلة تحريم الأغاني وعقوبة سامعها زادت الطينة بلة وجعلتني متخبطة وفي القلب حكّة ظن من حلّه؟

حتى أتى اليوم ذو الموعظتين في أوله وآخره العظيمتا الوقع على النفس!

ليكتب الله لي التوبة النصوح من سماع الأغاني؛ وذلك يوم الأربعاء6/ذي الحجة/1419هـ كان آخر يوم في المدرسة 

وبداية إجازة الحج، كنت حينها في المرحلة الثانوية الأولى .

أمّا الموعظة الأولى: كانت في الصباح حيث فاجأتنا مديرة المدرسة بدعوتها لداعية متميزة شاء الله أن ألاقيها في حج عام 1429هـ حيث كانت هي داعية الحملة التي سجلنا فيها!

ليحقق الله أمنيتي بمعرفتها عن قرب منذ أن وعظتنا تلك الموعظة البليغة الجامعه التي رقت لها القلوب وخشعت فبكت العيون وسُمع نحيب خافت!


(لله درك يا د.ليلى ماأحسن وعظك وسبحان من جمعني بك في ذات الشهر الحرام بعد سنين لتبكيني ذات البكاء في عرفات المباهاة!)


هزتني موعظتها داخليا هزة قوية تبت منها لله توبة نصوحة وندمت على مافرطت في جنبه سبحانه؛ لتتلوها توكيد التوبة بهزة أشد وعظا في ذات اليوم ليلة الخميس  ليأتي خبر وفاة خالتي وزوجها وابنها في حادث سير مفجع وأليم جدا


كزلازل ضرب كياني بعمق لأفق من سبات المعصية ودهاليزه المظلمة بلارجعه؛ وفورا أخذت الأشرطة التي اكتف بتمزيقها فحسب بل كسرتها ولا تسألوني لماذا؟فقد كانت أعصابي منهارة .


ورغم وقع الموعظة  ألا أن الشيطان لم يتركني !

فعندما أمسكت  بشريط الموسيقى الكلاسيكية وسوس لي بأن الموسيقى لاشيئ فيها، وأن الحرمة فقط 

بالأغاني بماتحوي من كلمات مبتذله وشركية.

أتى الخبيث بثوب واعظ ولجهلي بالأدلة أذعنت لوسوسته وتركت هذا الشريط فقط!!

وبعد مرور شهور على وفاة خالتي عدت فقط لسماع الموسيقى  بعد علمي بفتوى شيخ الأزهرلكن بقي في النفس أثر يحز.

وصدق صاحب النعلين والسواك الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه حين قال:

الإثم حوّاز القلوب.(أي أن له أثر يحزفي القلب)

هذا الحز والوخز اوزعني الجأر والتضرع إلى الله..

فرفعت يدي إلى عالم السر وأخفى...الرحمن العليم بماهو أصلح للنفوس والخبير بمايهذبها ..

دعوت الله بخشوع :

أن يارب إن كانت هذه الموسيقى فيها طب النفس وعلاج لها كما يقولون فاشرح صدري لذلك،

وإن كانت الموسيقى تغضبك وتضيق صدري فبغضها إلي بغضا أشد من حبي لها.

ووالله الذي شرح الصدور ووهب الحكمة ما رأيت نفسي إلا وأنا أمسك الشريط وأتلفه،وأصبحت

لا أطيق سماع الموسيقى ولو شيئا بسيطا.

لكن بعد ولوجي عالم الإنترنت شاركت في أربعة  نقاشات لاخامس لهم عن الموسيقى أهي حلال أم حرام؟!

ثلاثة في منتديات متفرقة والرابعة في مدونة لشخصية إنشادية أقدرها وأحترمها كثيرا.

انتهت جولة النقاش الأولى باقتناع الجميع بحرمة الموسيقى،أما الثانية والثالثة فانتهت بإغلاق الموضوع لأنه تحول الحوار

إلى مجزرة الكترونية

أما النقاش الرابع وهو الأهم لأنه أهمني وأدخلني في دوامة ذهول!ودفعني لقراءة أدلة المجيزين والمحرمين على حد سواء.

فمن المؤلم أن يفتن قلب عاقل بالموسيقى بعدما كان يرى حرمتهاوعدم جوازها ويستميت في النقاش ويفرد عدة مواضيع

لإثبات حلها وهي أوهى من بيوت العنكبوت أدلتها!

بصراحة خرجت من النقاش وصدري ضائق وأغلقت الحاسب محوقلة وأنا أدعوا: اللهم غبطا لاهبطا.

 ثم سرحت طويلا وغصت في لجج بحار أسئلة تلاطمت مع مرسى يقيني بحرمتها يقينا تاما..فلم يساورني أدنى شك بحرمتها 
بتاتا مبتوتا، لكنني أريد حجة حق لأقنع بها هؤلاء...

  وأمضيت يومي متأملة محتارة إلى أن أُلهمت دعاء الفاروق رضي الله عنه فدعوت بنفس واثقة مطمئنة :
اللهم بيّن لي في الموسيقى بيانا شافيا..

وفي وسط معمعة التأمل في التعليقات والردود والمد والجزر الحواري... شعرت وكأن أحد ما يتحاور معي!

ويناديني باسمي بدون صوت ولاهمس ! 

وأخذ يزينني بحلل الفهم ويربط لي مابين الآية الكريمة الواردة في تحريم الخمروالميسر ومايريده الشيطان من الإيقاع 

بالعداوة والغضاء لمستحليها وبين مامرّ علي من نقاشات حول الموسيقى وماتخلله من سب وشتم بسببها بين أخوة الدين،

وكيف نجح الشيطان في ايقاع العداوة بينهم بسبب مزموره؟!

ويلقنني الحجة على من يقول:بأن الموسيقى فيها نفع!بالرد عليهم بقوله سبحانه:

(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا....)  (آية219:البقرة)

وكأنما أُرسِل ليؤكد لي صحة الحديث الذي ضعفه مستحلوا الموسيقى من طريق آخر أثبت وآكد ألا وهو دليل الكتاب 

ويلقنني بذلك حجة وراء حجة أدحض بها حجج من زُيّن لهم سوءالموسيقى فرأوه حسنا! وبفيهم التراب...

   فـ لله الحمد الذي شرح صدري لما هو أرضى له وألهمني رشدي وأعاذني من شر نفسي

أنت الذي آويتني وحبوتني ... وهديتني من حيرة الخــــذلان

فلك المحامد والمدائح كلها ... بخواطري وجوارحي ولساني

  ولكم أن تنظروا بالله عليكم لفرق التفاعل بين رابط الموضوعين أدناه وعدد الصفحات!

◄ لأننا أنتـــــم || جســـــد واحـــــــد ||- مأساة باكستان 


توزيعات




لترو مدى إلهاء الموسيقى لشباب وفتيات أمتنا عن قضايانا المأساوية وتخدير مشاعرهم،ثم ليتفلسف بعدها

مستحلوا الموسيقى بعدم حرمتها!!

أقسم بالله أنهم لايستحون؛ جعلونا أضحوكة للاعداء وحُق لأعداءنا أن يستخفوا بنا

وكأني بهم يقولون بتهكم:انظروا للمسلمين نذبحهم ونعد الأسلحة لقتلهم وهم مشغولون بفتوى الموسيقى ورضاعةالكبير!

والله لا ألومهم مادام طيش عقلاءنا غلب طيش مراهقينا!

الله المستعان..
بصراحة لا أجمل من رد الشاعر عبدالرحمن عشماوي على من شُغلوا بتوافه وسفاسف الأمور عن معاليها

في قصيدته أدناه






abuiyad

ليست هناك تعليقات: